الأربعاء، 10 ديسمبر 2008

العمليات العقلية المعرفية العليا للانسان:
مفهوم افتراضي أي انه قابل للملاحظة الغير مباشرة بمعنى أننا لانلمسها مباشرة بل نلمس أثارها وظواهرها في السلوكيات.
وتشتمل على عمليات عقلية بسيطه كالاحساس وأخرى معقده كالادراك واللغه و التفكير والانتباه والذاكرة..الخوتقوم هذه العمليات بعدة وظائف مهمة من ابرزها الوظيفه المعرفية أي بواسطتها يتعرف الانسان على كل من المحيط الموضوعي والذاتي. http://olom.info/ib3/ikonboard.cgi?act=ST;f=10;t=32558
ومن العمليات العقلية العليا للانسان :
1. الانتباه.
2. الادراك.
3. التذكر.
4. التفكير.
ونتناولهم بالتفصيل:
أولا:النتباه:
يعد الانتباه من أهم العمليات المعرفية في علم النفس المعرفي حيث تمثل عملية الانتباه المدخل الرئيسي لجميع العمليات المعرفية التي تتم داخل النظام مثل عمليات الفهم القرائي والفهم اللغوي والادراك السمعي والبصري والذاكرة والتعلم والتفكير وحل المشكلات.
وتعتبر عملية الانتباه من العمليات الهامة في اتصال الفرد بالبيئة المحيطة به ولذلك يعتبر الانتباه عملية وظيفية في الحياة العقلية تقوم بتوجيه شعور الفرد نحو الموقف السلوكي ككل إذا كان هذا الموقف جديدا على الفرد أو توجيه شعور الفرد نحو بعض أجزاء المجال الإدراكي اذا كان الموقف مألوفا للفرد أي سبق أن مر بخبرته.[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]
مفهوم النتباه:
يعد الانتباه من العمليات المعرفية التي تعددت وتباينت وجهات النظر التي اهتمت بها حيث يتضح هذا التباين من التعريفات المتباينة لمفهوم الانتباه ذاته.
حيث يذكر جيلفورد أن الانتباه هو عملية معرفية يتم بواسطتها انتقاء المثيرات التي يلاحظها الفرد أو يكون مستعدا لملاحظتها عن بقية المثيرات الأخرى.
وتعرف الموسوعة البريطانية بأنه عملية تركيز الوعي على بعض المظاهر واستبعاد الظواهر أو المثيرات الاخرى وانه بأورة الانتقاء او الاختيار لجزء صغير فقط من نطاق واسع للمثيرات المقدمة.
ويعرف محمد حسن علاوي الانتباه بانه هو العملية العقلية أو المعرفية التي توجه وعي الفرد نحو الموضوعات المدركة وهو عملية مرتبطة بعمليتي الاحساس والادراك.
بينما عرفه كيلوج بانه هو العملية العقلية التي يتم بها اختيار مثيرات محددة من البيئة والتركيز عليها وتجهيزها معرفيا.
ويذكر حلمي المليجي بان الانتباه هو استخدام الطاقة العقلية في عملية معرفية او هي توجيه الشعور وتركيزه في شئ معين استعدادا لملاحظته أو أدائه أو التفكير فيه.
والملاحظة هي محاولة معرفة البيئة بواسطة الحواس والاحساس هو الشعور او التفطن بوجود مثير او منبه:
فالانتباه يسبق الادراك ويمهد له فكأن الانتباه هو الذي يتحسس والاحساس هو الذي يكتشف ويعرف مما سبق يتضح ان الانتباه عملية عقلية معرفية تستثار حينما يكون هناك منبه أو مثير معين وطبيعة هذا المؤثر ودرجة أهميته قد تكون من العوامل التي تساعد على جذب الانتباه وتركيزه كما أن الانتباه هو حالة من التهيؤ او التأهب العقلي يمارسها الفرد لكي يحس أو يدرك أشياء أو ظروف مختارة.
فالأم الذي يلعب طفلها في الشارع مع الأطفال حين تسمع صراخا نجد أنها تدقق السمع وتحصر الانتباه نحو هذا الصراخ دون غيره من المثيرات الاخرى والضوضاء الموجودة في الشارع لانها تضع طفلها موضع الاهتمام في بؤرة شعورها أما أصوات الناس والأطفال الاخرين والضوضاء الكثيرة الموجودة في الشارع تقع خارج بؤرة شعورها ولاتلقى لها بالا اي لاتكاد تشعر بها الا شعورا خافتا وبالتالي تدرك صوت طفلها ويكون بالنسبة لها اكثر وضوحا من غيره من الاصوات.
وعلى هذا فان الانتباه يمثل وعي الفرد بموضوع معين ونقله في حالة نشطة في بؤرة الانتباه وليس بالموضوعات الموجودة في هامش الانتباه حيث يكون الفرد اقل انتباها لهذه الموضوعات ولاشك ان الاحتفاظ بتركيز الانتباه يجعل الفرد قادرا على اتخاذ قرارات سليمة واكتساب مهارات جديدة .[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]
أنواع الانتباه:
1. الانتباه القسري:
هذا النوع من الانتباه يتجه فيه الفرد رغم ارادته الى المثير المسبب للانتباه مثل سماع الانسان لارتطام جسم بالارض يحدث صوتا أو سماع طلقة مدفع أو مسدس أو التعرض لصدمة كهربائية أو وخز مؤلم في جسم الانسان وهنا يفرض المنبه نفسه على الفرد فيحدث الانتباه القسري.
2. الانتباه التلقائي:
هو نوع من الانتباه لايبذل فيه الفرد جهدا كانتباه الفرد الى موضوع او شئ يميل اليه او يهتم به فلا يبذل الفرد جهدا في هذا النوع من الانتباه فيكون الانتباه ميسرا وطيعها.
3. الانتباه الإرادي:
في هذا النوع من الانتباه يحتاج الى بذل الجهد والتركيز العميق كانتباه التلميذ الى شرح المدرس او متابعة سماع محاضرة علمية او حديث عن موضوع صعب يتطلب ان يبذل الفرد جهدا كبيرا للاستيعاب وتركيز الانتباه وهو جهد قد يصحبه محاولات للتغلب على الملل وشرود الذهن.
ويتوقف مقدار الجهد الذي يبذل على شدة الانتباه والجدوى والفائدة من هذا الانتباه.
وقد يصعب على الاطفال تركيز اهتمامهم في هذا النوع من الانتباه.فالاطفال ليس لديهم القدرة على المثابرة وبذل الجهد وتركيز الانتباه لذا يحسن ان تكون الموضوعات التي تعطى للاطفال والتي يمكن ان تثير انتباههم موضوعات سهلة وشيقة وقصيرة وممزوجة باللعب ولاتحتاج الى جهد او تركيز في الانتباه.[علم النفس التربوي اسسه وتطبيقاته – د.خليل ميخائيل معوض – كلية الاداب – جامهة الاسكندرية - 2006]
أشكال الانتباه:
الشكل الأول:
وهو الذي يكون فيه الانتباه موزعا بين عدد من المنبهات او المثيرات.
الشكل الثاني:
وهو الذي يتعلق بعملية توجيه الانتباه وانتقائه لمنبه او مثير معين من بين المنبهات او المثيرات التي تقع في مجال وعي الفرد وهذه عملية انتقاء الانتباه.
الشكل الثالث:
وهو الذي يتعلق بعملية اليقظة حيث يكون الشخص حادا وفي هذه الحالة ينتقل الانتباه بسرعة شديدة بين المنبهات او المثيرات المختلفة لكي ينتقي منها المنبه او المثير الذي يهتم به الشخص .[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]
طبيعة الانتباه:
يبدأ الانتباه بوعي شامل من الفرد في البيئة التي يعيش فيها بمجاله الادراكي فيتحسس ثم عن طريق الاحساس يكتشف ويعرف المنبهات او المثيرات التي تجذب انتباهه فيدرك خصائصها حيث تكون الصلة متينة وقوية بين الالمام بما هو مدرك وبين الانتباه.
ويختلف الافراد فيما بينهم من حيث مدى الانتباه اي من حيث قدرتهم على استيعاب اوسع دائرة ممكنة من المعلومات او قدرتهم على الاحتفاظ باكبر عدد من الموضوعات في مجالهم الادراكي في وقت معين.
ويرى عبد المنعم المليجي ان الانتباه نشاط ذهني يتطلب قدرة على التحكم في النشاط الانفعالي وتوجيهه وجهة معينة يتوقف على مدى تحرر الفرد من المنبهات الخارجية المتعددة.
ويذكر محمد قاسم عبدالله ان من طبيعة الانتباه ان يتخذ احتمالات شتى اهمها:
1. يتم الوعي بالمجال الادراكي بصورة عامة دونما تحديد.
2. التركيز على اشياء جانبية لاعلى التحديد.
3. يتم الادراك للبيئة بصورة عامة مع التركيز على شئ محدود.
فالانتباه وظيفة من وظائف النشاط العقلي وينشأ لحقيقة الوضوح الحسي والعقلي وياتي الدافع الذي يفضي الى العملية الانتباهية من العوامل التروعية والانفعالية فان مجرد الادراك والوضوح لا يعدان كافيان مالم يصحبها نشاط ذهني يرمي الى غرض معين فالانتباه في الوقت ذاته هو غرض في طبيعته ونزعته لانه ينزع الى التعرف.
ونلاحظ ان الطفل الصغير اقل قدرة على الانتباه الارادي من الطفل الكبير لان الاخير يستطيع ان ينظم سلوكه ونشاطه الذهني وكذلك نجد ان الراشد اكثر قدرة على تنظيم سلوكه ونشاطه الذهني من الطفل من حيث مدى الانتباه او مدته وهذه القدرة تنمو تدريجيا مع نمو قدرة الفرد على تنظيمه العقلي والسلوكي.
ونلاحظ ان الطفل في سن السادسة والسابعة يصعب عليه ان يركز نشاطه في عمل واحد لفترة طويلة حيث ان قدرته على التهيؤ الذهني وحصر الانتباه لايتعدى فترة وجيزة من الزمن بينما تتزايد بسرعة قدرة الطفل على الانتباه الارادي فيما بين العام السابع والعام الحادي عشر .[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]
مكونات الانتباه:
يتكون الانتباه من ثلالث مكونات كما يلي:
1. البحث:
وهي محاولة تحديد المنبه او المثير في المجال البصري ويوجد نوعان من البحث الاول خارجي المنشأ ويحدث لا اراديا مثل الانتباه لصوت مفاجئ او ضوضاء مفاجئة او ضوء مفاجئ والثاني داخلى المنشأ وهو عملية اختيارية مخططة لمثير او منبه ذي خصائص معينة وينقسم هذا النوع الى نوعين هما المتوازي والمتسلسل.
2. التصفية:
وهي عملية انتقاء واختيار لمنبه او مثير معين من المثيرات التي تقع في المجال الادراكي للشخص وتجاهل المنبهات او المثيرات الاخرى التي توجد في مجال ادراكه فهي تشير الى قدرة الفرد على الاحتفاظ او الاستمرار في الانتباه الى موضوع الانتباه في ظل وجود العديد من المشتتات وهذا يعني ان الانتباه للمنبهات انتباها انتقائيا يحكمه العديد من العوامل مثل طبيعة موضوع الانتباه ومدى ارتباطه بحاجات الفرد والسعة الانتباهية.وهذه العملية تنمو تدريجيا بزيادة عمر الاطفال.
3. الاستعداد للاستجابة:
وتسمى احيانا بالتهيئة او توقع ظهور الهدف او تحويل الانتباه للهدف وهي عملية استعداد انتباهية للاستجابة للمثير أو الهدف وفقا للمعلومات السابقة عن موقعه وعما اذا كانت معه مثيرات مشوشة من عدمه .[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]
محددات الانتباه:
نجد ان للانتباه محددات نتناولها فيما يلي:
1. المحددات الحسية العصبية:
تؤثر فاعلية الحواس والجهاز العصبي المركزي للفرد على سعة عملية الانتباه وفاعليتها لديه فالمثيرات تستقبلها الحواس تمر بمصفاة او نوع من الترشيح الذهني وهذه المصفاة تتحكم عصبيا او معرفيا او انفعاليا في بعض هذه المثيرات ولاتسمح الا بعدد محدود من النبضات او الومضات العصبية التي تصل الى المخ اما باقي المثيرات فتعالج تباعا او تظل للحظات قريبة من هامش الشعور ثم لاتلبث ان تتلاشى.


2. المحددات العقلية المعرفية:
يؤثر مستوى ذكاء الفرد وبناؤه المعرفي وفاعلية نظام تجهيز المعلومات لديه على نمط انتباهه وسعته وفاعليته فالاشخاص الاكثر ذكء تكون حساسية استقبالهم للمثيرات اكبر ويكون انتباههم لها اكثر دقة بسبب ارتفاع مستوى اليقظة العقلية لديهم وهذا بدوره يخفف من الضغط على الذاكرة قصيرة المدى مما يؤثر على نمط المعالجة وييسر تتابع عملية الانتباه.
كما يؤثر البناء المعرفي للفرد ومحتواه كما وكيفا وحسن تنظيمه على زيادة فاعلية الانتباه وسعته ومداه حيث تكتسب المثيرات موضوع الانتباه معانيها بسرعة ومن ثم يسهل ترميزها وتجهيزها ومعالجتها وانتقالها الى الذاكرة قصيرة المدى مما يؤدي الى تتابع انتباه الفرد للمثيرات.
3. المحددات الانفعالية الدافعية:
تستقطب اهتمامات الفرد ودوافعه وميوله الموضوعات التي تشبع هذه الاهتمامات حيث انها تعد بمثابة موجهات لهذا الانتباه كما تعد حاجات الفرد ونسقه القيمي واتجاهاته محددات موجهه لانتقائه للمثيرات التي ينتبه اليها ويتاثر الانتباه من حيث سعته ومداه بمكبوتات الفرد ومصادر القلق لديه حيث تستنفذ هذه المكبوتات طاقته الجسمية والعصبية والنفسية والانفعالية وتؤدي الى ضعف القدرة على التركيز ويصبح جزءا هاما من الذاكرة والتفكير مشغولا بها يترتب عليه تقليص سعة الانتباه وصعوبة متابعة تدفق المثيرات وترميزها وتجهيزها ومعالجتها.[الاسس المعرفية للتكوين العقلي وتجهيز المعلومات – د.فتحي مصطفى – دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع]
وظائف الانتباه:
× يعد الانتباه من اهم العمليات العقلية التي تلعب دورا هاما في النمو المعرفي لدى الفرد فهو مكونا من مكونات معالجة المعلومات لدى الانسان حيث انه يستطيع من خلاله ان ينتقي المنبهات الحسية المختلفة التي تساعده على اكتساب المهارات وتكوين العادات السلوكية الصحيحة بما يحقق له التكيف مع البيئة المحيطة.
× يساعد الانتباه العمليات المعرفية على التركيز على المثيرات الخارجية حتى يمكن جمع معلومات عنها وتحديدها وكيفية التعامل معها.
× يساعد الانتباه على تنسيق وتنظيم المعلومات وضبط الاداء حتى يمكننا من الاداء الذكي.
× يساعد الانتباه على التفكير حيث يجعل الافراد قادرين على انتقاء المعلومات المناسبة التي تساعد على التفكير او حل المشكلات.
× وللانتباه أهمية بالغة في تنمية تحكم المنبهات فاذا كان الفرد لايعطي اهتماما وانتباها للعلاقات التي تستخدم في التحكم في سلوكه فهو لن يتعلم كيفية تحكم المنبهات .[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]
خصائص الانتباه:
للانتباه خصائص عديدة من اهمها:
1. الانتباه عملية ادراكية مبكرة:
حيث يهتم الاحساس بالمنبهات او المثيرات الخام ويقع الانتباه بين الاحساس والادراك ولذا فهو عملية ادراكية مبكرة حيث يسبق الانتباه الادراك ويمهد له لان الانتباه هو الذي يتحسس والاحساس هو الذي يكشف ويعرف.
2. الاصغاء:
يعتبر الاصغاء الخطوة الاولى في عملية تكوين وتنظيم المعلومات حيث ان استكشاف الفرد لبيئته المحيطة به والتي يعيش فيها يتطلب منه الاصغاء حيث ينتقي الفرد المثيرات التي يهتم بها ويهمل ماعدا ذلك فالاصغاء ضروري لتركيز الانتباه على الموضوع الذي يريد الفرد تناوله.
3. الاختيار والانتقاء:
لايستطيع الفرد ان ينتبه لجميع المنبهات او المثيرات المختلفة التي يكتظ بها العالم الخارجي دفعة واحدة او ينتبه لجميع المثيرات التي يزخر بها ذهنه حيث يمتلأ بخواطر وافكار كثيرة ولكنه ينتقي منها ما يتناسب واشباع حاجاته وكذلك بما يتناسب مع حالته النفسية وهذا الانتقاء يتضمن في العادة استعداد الفرد ووضع نفسه في حالة من التهيؤ والتأهب العقلي لملاحظة هذه المثيرات المختارة دون غيرها او التفكير في اشياء دون اشياء اخرى.

4. الاحاطة:
وهي قد تكون سمعية او بصرية وتتمثل اما في حركات العينين خلال المكان او في الانصات لكل مايصدر من اصوات ويمكن للانسان ان يوجه انتباهه من جانب الى اخر فمثلا عن طريق الحواس حاسة البصر او حاسة السمع مثلا يستطيع تغيير انتباهه من شئ الى شئ اخر وحيث ان الانسان لايستطيع ان ينتبه الى كل المنبهات او المثيرات في وقت واحد او دفعة واحدة فان الانتباه يكون انتقائيا وموجه الى الاشياء التي يهتم بها الفرد اكثر من غيرها فمثلا المعلم في فصله عند شرحه لدرسه يركز دائما على عملية فهم الطلاب للدرس وليس على اخطاء بعض الطلاب.والتلميذ الذي يذاكر دروسه دائما نجده يركز على المعلومات والافكار وليس على الاخطاء المطبعية وهكذا.
5. التركيز:
حيث نجد ان الفرد يتجه بفاعلية او ايجابية واهتمام الى تنبيهات حسية معينة ويهمل منبهات اخرى اي يجعل بعض المنبهات في بؤرة الشعور ويركز عليها وماعدا ذلك على هامش الشعور فقد يركز الفرد على منبه واحد او منتشر بحيث يستطيع الاحتفاظ بمشاهدة مبعثرة عبر كل شئ يحدث حوله.
6. التذبذب:
فقد يتذبذب مستوى المثير الذي هو في حقيقة الامر مصدرا للتنبيه فنجد ان انتباه الفرد يتذبذب بين القوة والضعف وذلك وفقا لقوة المثير او ضعفه.
فمثلا عند مشاهدة الفرد مباراة كرة قدم او فيلم سينمائي نجد ان انتباهه يتذبذب بين القوة والضعف وفقا لاختلاف قوة المباراة او ضعفها وكذلك قوة احداث الفيلم واثارته من عدمه.
7. التعقيب:
ويقصد به الانتباه المتصل لمنبه او مثير معين حيث تظهر قدرة الفرد على التفكير في فكرتين في آن واحد دون الخلط بينهما مثل قيادة السيارة والتحدث في نفس الوقت مع صديق.
8. التموج:
ويقصد بالتموج هو انه رغم وجود المثير او المنبه الذي ينتبه اليه الفرد فان تاثيره يختفي اذا ظهر مثير آخر جديد ودخيل ثم يعود مرة اخرى عندما يختفي هذا المثير الجديد. .[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]
تصنيف الانتباه:
يصنف الانتباه من حيث موقع المثيرات وعددها وطبيعتها كالاتي:
أولا:من حيث موقع المثيرات:
ينقسم الانتباه من حيث موقع المثيرات الى نوعين هما:
1. الانتباه الى الذات:
وفي هذا النوع من الانتباه يتم تركيز الفرد على ذاته حيث تكون هي بؤرة الاهتمام عند الفرد وماعدا ذلك يكون على هامش الشعور.
2. الانتباه الى البيئة:
في هذا النوع من الانتباه يوجه الفرد تركيزه وشعوره الى الاهتمام بالبيئة التي يعيش فيها مثلا نجد بعض الافراد يكون اهتمامه الاول هو الاسرة ويركز كل جهده ووقته لها دون غيرها من المثيرات الاخرى الموجودة في البيئة وقد نجد اخر كل اهتمامه بعمله في المؤسسة التي يعمل بها ويركز كل جهده لها دون الاخرى.
ثانيا:من حيث عدد المثيرات:
1. الانتباه لمثير واحد:
في هذا النوع من الانتباه نجد ان الفرد يوجه انتباهه لمثير واحد فقط دون غيره من المثيرات فيحصر الفرد انتباهه في الرسم مثلا دون غيره أو اللغة العربية دون غيرها وهكذا.
2. الانتباه لاكثر من مثير:
في هذا النوع من الانتباه يوجه الفرد انتباهه لاكثر من مثير او منبه من المثيرات او المنبهات الموجودة في البيئة فينتقي البعض منها وفقا لاهميتها بالنسبة له ووفقا لوسع الفرد على معالجة المعلومات.

ثالثا:وفقا لطبيعة المنبهات او المثيرات:
اشارت الدراسات الى وجود ثلاثة انواع من الانتباه هي:
1. الانتباه الارادي الانتقائي:
في هذا النوع يتم تركيز الانتباه على مثير او منبه واحد من بين عدة مثيرات بشكل انتقائي وارادي بسبب محدودية الطاقة العقلية ومحدودية سعة التخزين وسرعة المعالجة ففي هذا النوع يحصر الفرد انتباهه في شئ معين كحصر انتباه الفرد في مشاهدة مباراة كرة قدم او مذاكرة درس من الدروسالمقررة عليه او مشاهدة حلقة اجنبية مثيرة وهناك يكون الانتباه ارادي ومقصود وهادف يستلزم من الفرد بذل المزيد من الجهد ويمكن تحسين التوجيه الذاتي الارادي للانتباه عن طريق الخبرة والتحفيز ومعرفة مايسعى اليه المتعلم فباستطاعة المعلم ان يوجه انتباه طلابه واهتماماتهم اثناء شرحه لدرسه عندما يشير الى مظاهره ومواطن بارزة من الموقف التعليمي.
2. الانتباه الانتقائي التلقائي:
في هذا النوع ينتبه الفرد لمثير او منبه يشبع حاجات الفرد ودوافعه الذاتية حيث يركز الفرد ويحصر انتباهه في مثير واحد من بين عدة مثيرات بيسر وسهولة تامة وهنا ينشأ الانتباه كعملية داخلية لتحقيق هدف ما كاشباع حاجة او دافع عند الفرد فيتجه الانتباه الى الموضوع الذي يرغب فيه الفرد ويهتم به وبذلك يحدث الانتباه بيسر وسهولة ولايبذل الفرد في سبيله جهدا.
3. الانتباه اللارادي او القسري:
في هذا النوع يركز الفرد انتباهه على مثير معين يفرض نفسه على الفرد بطريق قسري ودون بذل جهد عال للاختيار بين المثيرات فيتجه الفرد الى هذا المثير رغم ارادته فمثلا لو سمع الفرد صوت رعد او برق او صوت مفاجئ فانه يتجه اليه مباشرة ورغم ارادته وينتبه اليه.
ويذكر حلمي المليجي ان مايهمنا من تلك الانواع هو الانتباه الارادي الانتقائي اي الذي يستلزم بذل الجهد لتحقيق هدف ما وان هذا الجهد يتوقف على امرين:
أ‌. شدة الدافع الى الانتباه.
ب‌. وضوح الهدف من الانتباه.
ويتضح من ذلك ان للارادة وقوة التحمل دور هام في بذل الجهد ولذا فان هذا النوع من الانتباه لا يقدر عليه الاطفال مالم تكن الدروس المقدمة قصيرة مشوقة تتسم بروح العلم .[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]
العوامل التي تؤثر في الانتباه:
هناك مجموعة من العوامل تؤثر في حصر او جذب الانتباه وهناك عوامل اخرى تساعد على تشتت الانتباه سنوجزها فيما يلي:
أولا:العوامل التي تؤدي الى جذب الانتباه:
تنقسم العوامل التي تؤدي الى جذب الانتباه الى نوعين هما:
1. العوامل الداخلية:
ويطلق عليه احيانا بالعوامل الشخصية اي الخاصة بالفرد وهي الحاجات العضوية مجال اهتمام الشخص والدوافع الهامة التي تجعل الفرد مهيأ للانتباه لبعض الاشياء.
وتنقسم العوامل الداخلية الى قسمين:
أ‌. العوامل المؤقتة:
وهي عوامل تزول بمجرد اشباع حاجات الفرد ودوافعه مثل:
o التهيؤ الذهني: حيث يهيؤ الفرد ذهنه لاستقبال مثيرات او منبهات معينة دون غيرها فالام على سبيل المثال تستيقظ لحركات طفلها ليلا ولاتستيقظ عند سماع صوت رعد او برق وكذلك الشخص الذي ينتظر شخص عزيز له قادم لزيارته في ساعة معينة نجده دائما ينصت لجرس الباب لسماع اصوات الاقدام على سلم المنزل.
o النشاط العضوى والدافع: فالنشاط العضوي يجذب الانتباه الى ذات الفرد ودائما الشخص الجائع يسترعي انتباهه رائحة الطعام.
o الاهتمام:ويقصد به ميل الشخص الى مثير او منبه والاهتمام به فالانتباه ملاحظة انتقائية والفرد لايلاحظ الا المثيرات التي يهتم بها في بيئته ويوجه شعوره اليها ويركز فيها وبالتالي فالانتباه والاهتمام مظهران لشئ واحد فالاهتمام عبارة عن انتباه كامن بينما الانتباه هو اهتمام ناشط ,ونحن نختلف في اهتماماتنا فمثلا الذي يجذب انتباه عالم الفلك غير مايجذب انتباه عالم النفس.
o الايحاءات من الاخرين: حيث قد تؤثر القابلية للايحاء في توجيه الانتباه لمثيرات او موضوعات معينة.
ب‌. العوامل المستديمة:
وهي عوامل دائمة مع الفرد وتظل معه عبر الزمن منها:
o مستوى الاستثارة الداخلية:حيث تلعب الاستثارة الداخلية دورا كبيرا في جذب الانتباه لمثير او منبه معين ولقد وجد انه كلما زاد مستوى الاستثارة الداخلية لدى الفرد كلما زاد انتباهه لمثير معين.
o عادة الفرد الدائمة في الاصغاء وحب الاستطلاع: حيث نجد ان هناك من الافراد من لديهم حب الاستطلاع ومعرفة كل شئ ودائمين التطلع الى كل ماهو جديد فيوجهون انتباههم اليه ويركزون شعورهم فيه وكذلك من الافراد من لديه صفة الاصغاء لكل مايقوله الاخرون من موضوعات خاصة ببعض الافراد اوالموضوعات الخاصة بالعمل وغيرها.
o انتباه الافراد المستمر لمصادر الخطر والاذى:يلاحظ ان الافراد دائما ما ينتبهون الى مصادر الخطر والاذى التي تهدد بقاءهم او تلحق بهم الضرر والاذى وهذا يتوقف على قوة المثير او المنبه وشدته وسرعته واتجاهه.
o الراحة الجسمية والنفسية:كلما شعر الفرد بالراحة الجسمية والنفسية كلما ادى ذلك الى زيادة انتباهه وتركيزه في مثير او منبه معين.
وهناك بعض الاطفال يحققون لانفسهم السعادة والبهجة والراحة النفسية حينما يستخدمون الصراخ في محاولة جذب انتباه الكبار اليهم او ادعاء المغص او غيره من هذه الحركات حتى يهرع اليهم الكبار لمعرفة سبب ذلك.
2. العوامل الخارجية:
ويطلق عليها احيانا بالعوامل الموضوعية الخاصة بالمنبه او المثير وتنحصر هذه العوامل فيما يلي:
o طبيعة المثير او المنبه: تختلف المثيرات او المنبهات في جذب انتباه الافراد فهناك منبهات تجذب بعض الافراد ولاتجذب الاخرين وهذا يتوقف على طبيعة المنبه وطبيعة الفرد فالمثير او المنبه غير المالوف قد يجذب انتباه الافراد اكثر من غيره من المنبهات المالوفة لديهم والمنبه السمعي يختلف عن المنبه البصري في جذب الانتباه.
o شدة المثير او المنبه: قد تتمثل شدة المثير في الصوت او الضوء او اللون او الضوضاء وكلما كان المنبه اكثر شدة كلما كان له اثر اكبر في جذب الانتباه اليه فصوت المذياع العالي يجذب انتباه الافراد اذا كان اعلى من المثيرات الاخرى الموجودة حوله وكذلك رؤية الالوان البراقة وايضا الضوضاء الصاخبة والروائح النفاذة لها اثر كبير في جذب الانتباه.
o تكرار المثير او المنبه:تكرار المثير عامل من عوامل جذب انتباه الافراد حيث يجعل الافراد يضعونه في بؤرة شعورهم فيركزون فيه فمثلا اذا تكرر صوت ميكروفون يعلن عن موضوع يهم المواطنون نجدهم يحاولون الانصات لسماع هذا الصوت ويركزون فيه وكذلك تكرار وجود ضوء معين يطفئ ويضئ مرة اخرى يجذب انتباه الافراد وهكذا.
o حركة المثير او المنبه: فالاشياء المتحركة تعمل على جذب انتباه الافراد بعكس الاشياء الساكنة فمثلا الحركة المستديرة والدائمة لمجموعة من الالوان تجذب انتباه الافراد وكذلك حركة بعض اللاعبين المهرة في الملعب تجذب انتباه المشاهدين لهم.
o تباين او تضاد المثير او المنبه:اي اختلاف المثير عن المثيرات من حوله يعمل على جذب الانتباه فمثلا الشخص الذي ياتي من الدول العربية الى مصر ويلبس لباس بلده يجذب الانتباه اليه لانه يختلف في زيه عمن حوله وكذلك الضوء القوي جدا بين اضواء خافتة يعمل على جذب الانتباه وكذلك اذا كان هناك اعلان تجاري يحتوى على خطوط بيضاء او اخرى سواء يجذب الانتباه اليه اكثر من اعلان اخر يحتوي على الوان متشابهه.
o حجم المثير او المنبه: كلما زاد حجم المنبه كلما كان له اثر كبير في جذب الانتباه اليه فالحيوان الضخم مثل الفيل يجذب الانتباه اليه اكثر من الحيوانات الصغيرة مثل البقر والخراف.
o موقع المثير او المنبه:موضع المنبه له دور كبير في عملية جذب الانتباه فالشخص الذي يتعود ان يقوم من نومه مبكرا ثم يضع المنبه قريبا منه افضل في جذب انتباهه له أو وضع هذا المنبه في حجرة مجاورة وكذلك الضوضاء الصاخبة المجاورة تعمل على جذب الانتباه من الضوضاء البعيدة.
o التغير الفجائي للمثير او المنبه: سواء كان هذا التغير في الصوت أو اللون أو الحجم أو الموضع فمثلا عندما تزداد الاضاءة فجأة فان هذا يسترعي انتباهنا وكذلك عندما نسمع صوت الموسيقى الهادئ من المذياع فالارتفاع المفاجئ للصوت يسترعي انتباهنا وهكذا.
o حداثة المثير أو المنبه: دائما المثير الجديد يجذب انتباهنا فمثلا الطالب يجذب انتباهه المرجع الحديث في المادة وكذلك الافراد تجذبهم التكنولوجيا الحديثة مثل الكمبيوتر الحديث ,المحمول الجديد,نوع حديث من السيارات او نوع من الموضة الحيثة.
ثانيا: العوامل التي تؤدي الى تشتت الانتباه:
هناك عوامل مشتتة للانتباه كثيرة يرجع بعضها لعوامل اجتماعية وعوامل نفسية ويرجع البعض الاخر الى عوامل جسمية وعوامل فيزيقية.
ويلاحظ ذلك جيدا عندما نلاحظ بعض الطلاب اثناء تحصيلهم الدراسي او اثناء مذاكرة دروسهم يعانون من عدم القدرة على التركيز وحصر الانتباه اثناء مراجعة دروسهم ومذاكرتها وهذا يرجع الى عدة عوامل تشتت انتباههم وتقلل من قدرتهم على التحصيل الجيد بعض هذه العوامل داخلي خاص بالفرد وبعضها خارجي يرجع للمؤثرات البيئية.
1. العوامل الداخلية:
تمثل العوامل الداخلية التي تؤدي الى تشتت الانتباه فيما يلي:
أ‌. العوامل الفسيولوجية:
تتمثل في الاتي:
o الارهاق والتعب الجسمي: الذي يؤثر بالسلب على جذب الانتباه نحو مثير او منبه معين فالطالب المرهق جسميا لايستطيع التركيز وحصر الانتباه في موضوع ما.
o الخلل الحادث في اجهزة الجسم: مثل الاضطرابات التي تحدث في الجهاز الهضمي او الجهاز التنفسي او التناسلي فالطالب الذي تصيبه نوبة برد مثلا لايستطيع التركيز اثناء مذاكرة دروسه ويكون مشتتا ويقل تحصيله.
o عدم الانتظام في الغذاء او سوء التغذية: يؤدي الى تشتت الانتباه حيث يفقد الفرد القدرة على التركيز لفترة طويلة ويشعر بالدوار لاقل مجهود يبذل.
ب‌. العوامل النفسية:
وتتمثل هذه العوامل فيما يلي:
o العقد النفسية والصراعات النفسية: مثل عقدة النقص أو الذنب او الاضطهاد كل هذا يستنفذ قدرا كبيرا من الطاقة العصبية اللازمة لعملية الانتباه.
o القلق والافكار الوسواسية وحدة الانفعالات.
o الاسراف في التأمل الذاتي وجلب المتاعب والالام والاستسلام لاحلام اليقظة .
o انشغال الفرد بامور اخرى غير موضوع الانتباه.
2. العوامل الخارجية:
وتتمثل هذه العوامل فيما يلي:
أ‌. العوامل الاجتماعية:
وتتمثل في المشكلات العائلية وعدم الاستقرار الاجتماعي كالنزاع المستمر بين الوالدين او انفصال احدهما عن الاخر او الصعوبات المالية والمتاعب التي تواجه الاسرة والامور المعلقة التي لم تحسم بعد كل هذا يؤدي الى هروب الفرد منها ولايستطيع التركيز بل يكون شارد الذهن في معظم الاوقات.


ب‌. العوامل الفيزيقية:
والتي تتمثل في كل ما يحيط بالفرد من مؤثرات بيئية كضعف الاضاءة او سوء توزيعها , سوء التهوية , ارتفاع درجة الحرارة او الرطوبة,الضوضاء الصاخبة , كل هذه المؤثرات تؤثر على تشتت الانتباه وقلته وكلما كانت هذه العوامل غير مرضية للفرد كلما ادى ذلك الى ضعف قدرته على الانتباه.
× وهكذا تتوقف العوامل التي تؤثر على الانتباه على فاعلية الحواس وكفاءة الجهاز العصبي الذي يعمل كمرشح للمنبهات بالتحكم في مظاهر الانتباه كما يؤثر مستوى الذكاء وفاعلية نظام تجهيز المعلومات لدى الفرد على جودة انتباهه وسعته فمرتفعي الذكاء لديهم حساسية لاستقبال مثيرات اكثر ويكون انتباههم اكثر دقة وسرعة ويقظة وكذلك يؤثر محتوى البناء المعرفي كما وكيفا وتنظيما على زيادة فاعلية الانتباه بطريقة طردية وتؤثر شخصية الفرد كذلك على الانتباه فالافراد الانبساطيون يكونون اكثر وعيا واستجابة لمثيرات البيئة الخارجية اما الانطوائيون يكونون اكثر وعيا بالمثيرات الداخلية .[علم النفس التعليمي – أ.د ناجي محمد قاسم –استاذ علم النفس التربوي – كلية التربية – جامعة الاسكندرية - 2007]


ثانيا:الادراك
تعريف الادراك:
الادراك هو العملية التي نقوم عن طريقها بتنظيم أنماط المنبهات وتفسيرها واكسابها معنى ويستخدم مصطلح الادراك في علم النفس ليشير الى المعرفة المباشرة للعالم ولاجسامنا وذلك نتيجة لاشارات عصبية تاتينا من اعضاء الحس "العينان والاذن والانف واللسان والجلد"فضلا عن اعضاء التوازن في الاذن الداخلية ويمكن تقسيم المستقبلات (وهي اقسام من الجسم حساسة لمنبهات معينة ومثالها شبكية العين)الى نوعين كما يلي:
1. مستقبلات خارجية: وهي تستجيب للمنبهات الخارجية وتقسم الى صنفين:
اولا:مستقبلات بعيدة المدى: العينان والاذن والانف.
ثانيا: مستقبلات متصلة : الجلد واللسان.
2. مستقبلات داخلية: تستجيب للمنبهات من داخل الجسم.
الادراك اذن هو قراءة المعاني من الاشارات الحسية ,هو ترجمة الاحساسات واعطائها معنى وهو بذلك لايشبه الصورة الفوتوغرافية على الاطلاق وفي هذا المجال يجب ان نفرق بين العالم الحقيقي كما يصفه عالم الفيزياء والمكون من الاحداث الموضوعية في جانب والعالم الذاتي او المدرك للاحداث في جانب اخر ولايتركز مجال دراسة الادراك في الاحداث الموضوعية ولكنه يدور حول المظهر الذي تتخذه الاشياء والاحداث وكيف تبدو والتفرقة بين هذين العالمين تناظر التمييز بين الضوء الاحمر من من حيث طول موجاته وتدرج طبقاته في مقابل الضوء الاحمر كما يستخدم في اشارة المرور وما يعنيه من توقف عن السير.
وتجدر الاشارة الى ان الادراك احد القدرات التي مكنت الجنس البشري من البقاء اذ انه العملية التي نصبح بها واعين للبيئة التي نعيش فيها وذلك عن طريق اختيار المنبهات التي تاتينا من حواسنا وكذلك تنظيمها وتفسيرها فتكون العناصر الرئيسية التي تكون الادراك اذن كما يلي:
أ‌. الاختيار.
ب‌. التنظيم.
ت‌. التفسير.
[أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
الادراك بوصفه عملية معرفية:
الادراك عملية معرفية تشتمل على انشطة عديدة منها الانتباه والاحساس والوعي والذاكرة وتجهيز المعلومات واللغة كما يرتبط بالتعلم ايضا ارتباطا وثيقا ومع ان العمليات المعرفية متشابكة متفاعلة فان الادراك يعد اكثر الانشطة المعرفية اساسية ومنه تنبثق العمليات الاخرى كما يعد الادراك نقطة التقاء المعرفة بالواقع.
ان الانسان في المراحل المبكرة من الادراك يقرر ما ينتبه اليه فانت الان لا تشغلك حروف الكلمات عن الكلمات والافكار التي تحملها ومع ذلك فيمكنك ان تركز على ضوضاء الطريق او صوت المذياع او محادثة بين اخويك او الام روماتيزمية في ركبتك وغير ذلك ولكنك عندما تركز انتباههك تزداد قدرتك على ايجاد معنى لما تقرأ.
كما يؤثر الشعور أو الوعي في الادراك ان منظر المطر سيبدو لك رائعا ومسليا وانت في غمرة السعادة لكنك قد تحسبه بكاء مرا للطبيعة عندما تكون حزينا مكتئبا وتتدخل الذاكرة في الادراك من نواح كثيرة اذ تختزن الحواس المعلومات وعندما يفك الانسان رموز المعاني يقارن بين ما يدركه من منبهات خارجية (سمعية وبصرية ولمسية وشمية واجتماعية وغيرها)وداخلية(احاسيس وانفعالات)بخبرات مماثلة في الذاكرة كما يحدث تجهيز للمعلومات اثناء الادراك فنحن نقرر اي المعلومات سوف ننتبه اليه بعد ذلك ونقارن المواقف الماضية بالحضارة لنصل الى تفسيرات وتقييمات كما تؤثر اللغة كذلك في المعرفة وفي صياغة الادراك بطريق غير مباشر.
والادراك عملية معرفية ذات طبيعة نشطة دليل ذلك الاشكال التي يمكن عكسها او قلبها والتي تشير الى ان ادراكنا شئ نشط وبمثال بحثا عن احسن تفسير للمعلومات الحسية اعتمادا على معرفتنا بالاشياء مثال ذلك مكعب نيكر وهو نوع من الخداع صممه "نيكر" العالم الطبيعي السويسري لاحظ ان السطح الخلفي يبدو على هيئتين :اما السطح الامامي للمكعب او السطح الخلفي لمكعب شفاف.
ولايعتمد الادراك على مظاهر الشئ فقط بل على سياق الذي نراه فيه كما تؤثر الخبرة السابقة على الفروض الادراكية ونوضح اثر عامل الخبرة وهو رسم غامض للمرأة الشابة والمراة العجوز.
وقد راى 65% من الاشخاص الذين شاهدوا هذه الصورة الغامضة انها صورة لامراة صغيرة على حين راى 35% انها صورة لامراة عجوز ومع ذلك فلو راينا مجموعة من الناس مجموعة صور تمثل امراة شابة ثم اريناهم الصورة الغامضة فسوف يرونها على انها امراة شابة ويحدث العكس عندما يروا صورا تمثل امراة عجوزا في البداية.
ان القائم بالادراك يستخدم مظاهر الشئ ومحتواه وخبراته السابقة لتكوين احسن وتخمين عن الشئ الذي يراه فيقوم بتحليل الشئ الى مختلف مظاهره ثم يستخدم هذه المظاهر لتكوين مدرك يطابق المعلومات المتاحة له متاثرا بالمحتوى والخبرة السابقة وغيرهما. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
العوامل الذاتيه المحددة للادراك:
من العوامل الذاتية التي تؤثر في الادراك وتحدده ما يلي:
1. التوقع:
يرى الانسان او يسمع ما يتوقع ان يرى او ان يسمع فكل انسان يغلب ان يدرك ما يتوقعه فعندما انتظر زيارة صديق لي فانني اسمع كل صاعد للدرج وكل طارق على زر جرس وكل صوت لسيارة احسبه صديقي قد حضر.
2. الدافعية:
يتاثر ادراك الفرد غالبا بدافعيته والدوافع كما سنرى على انزاع عدة(الفسيولوجية والاجتماعية)وقد يتعلم الفرد تركز انتباهه على المنبهات التي تشبع دوافعه ويتجاهل تلك التي لا تؤدي الى اشباعها فلايميل الى ادراكها ومن التجارب المأثورة في علم النفس بحث تاثير الحرمان من الطعام على الادراك وتجري التجربة بعرض اشكال غامضة او كلمات غير ذات معنى بوساطة جهاز يدعى "المسراع" او العارض السريع وتكون مدة العرض وجيزة جدا "كسر من الثانية" ويطلب من المفحوصين الجياع تسمية ما رأوا فكانت معظم استجابتهم تدور حول الطعام "صوره واسمه" ومن هنا نقول: ان الحاجات الفيزيولوجية عندما تكون في حالة من عدم الاشباع او النقص فانها تؤثر على الادراك.
3. الميول والعواطف والانحيازات:
لا يرى الانسان فيمن هو كلف بهم ويحبهم العيوب والمثالب التي يراها فيهم اناس محايدون وقد يفسر الشخص حركة او لفتة من اخر لايحبه على انها حركة سمجة وغير مهذبة وقد تكون في حقيقة الامر براء من هذا التفسير.
4. الانفعال والحالة المزاجية الراهنة:
الانفعال الشديد يشوه الادراك ولا يؤثر تاثيرا سيئا في دقته فقط بل في موضوعه كذلك فاذا اصيب احدنا بحالة من الاكتئاب شديدة فسر كل ما حوله بنظرة سوداء تشاؤمية والخائف يحسب كل صيحة والحزين يرى في هطول المطر بكاءا مرا للطبيعة على حين ينظر المسرور الى المطر على انه علامة خير وبشير ونماء.
5. الخبرة السابقة:
للتعلم والخبرة اثر كبير في الادراك ذلك ان الخبرة السابقة للفرد تساعده غالبا على توقع المعاني التي تحملها المنبهات واثرها على المواقف المستقبلية وقد اجمعت البحوث على ضرورة ان يكون الفرد قد خبر البيئة التي يعيش فيها وذلك حتى يمكنه ادراك منبهاتها بصورة صحيحة كما يجب ان يتفاعل الفرد ويتعامل معها حتى تنمو مهاراته الادراكيه وابرز مثال على ذلك ان ادراكنا لمعنى الضوء الاحمر بوصف اشارة مرور تعني التوقف لن يوجد لدينا الا من خلال الخبرة.
6. القيم:
طور الفيلسوف الالماني "سبرانجر" نظرة شاملة الى الشخصية تعتمد على ست قيم هي :النظرية والاقتصادية والسياسية والجمالية والاجتماعية والدينية ووضع اختبارا لقياسها لتحديد الاهمية النسبية لكل منهاوالملاحظ ان ادراك المتدين لكثير من الامور مختلف عن ذي الدرجة المنخفضة على مقياس القيم الدينية والفنان لديه القيمة الجمالية مرتفعة يرى في الفن التجريدي من الجمال مالا نراه ومن الحسن ما لاندركه وقد وجد "فيما يختص بالقيمة الاقتصادية"ان ادراك الاطفال الفقراء لحجم العملة مختلف عن ادراك الاطفال الاغنياء اذ يبلغ الاطفال الفقراء في حجم العملة.
7. أثر المهنة:
للمهنة تاثير في تاويل الاحساسات اي في الادراك فالحقل الاخضر اليانع ينظر اليه الفنان بمنظار غير الذي يراه به عالم النبات خلافا لادراك الفلاح مغايرا لادراك صاحب الحقل له. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
الادراك الحسي:
الاحساس عملية فيزيولوجية بسيطة تسبق الادراك في حين ان الادراك الحسي عملية اكثر ارتقاء من مجرد الاحساس في سلم التنظيم العقلي لان الاحساس مجرد رؤية الصورة او سماع كلمة او شم رائحة في حين ان الادراك الحسي هو اضفاء معان على الصورة البصرية والسمعية والشمية بعد اتصال هذه الاحساسات بالجهاز العصبي المركزي.
فالادراك الحسي هي ان تدرك الشكل والحجم واللون والمسافات تدرك المجسمات والمسطحات تدرك الاحداث كشروق الشمس أو غروبها تدرك سمات الفرح او الحزن على وجه شخص تدرك علامات المرور اللون الاحمر يعني التوقف واللون الاخضر يعني السير.
فانطباع المرئيات على شبكية العين هو مجرد احساس بصري ولكن رصد المرئيات بالجهاز العصبي المركزي واضفاء معان على الصورة من شكل ولون وحجم هو ادراك بصري.
ويفرق علماء اللغة العربية بين النظر والرؤية فالنظر هو مجرد ان تنظر للصورة ولكن الرؤية هي ان تدركها ادراكا حسيا.
والادراك الحسي ليس عملية بسيطة بل هي عملية معقدة يدخل فيها الاحساس والذاكرة وادراك العلاقات وتاويل ما ندركه.
والادراك الحسي وسيلة هامة اساسية يتلمس الفرد عن طريقها المعرفة.
وتكتمل الصورة وتصبح اكثر وضوحا عندما يستخدم الفرد حواس متعددة فعندما نرى الشئ ونسمعه او عندما نتذوق طعمه ونشم رائحته ونلمسه نجده اكثر وضوحا ودقة من مجرد ان نراه او نلمسه.
والخلاصة انه بدون الاحساس لاندرك شيئا ولكن بالاحساس وحده لا يكفي لادراك الاشياء.[علم النفس التربوي اسسه وتطبيقاته – د,خليل ميخائيل معوض – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – 2006]
الانتباه والادراك الحسي:
في تفاعل الانسان مع بيئته لابد ان يكون مدركا بحواسه لكل مايحيط به فالادراك الحسي هو اول الخطوات في الاتصال بالبيئة والتكيف معها.
وهو الاساس الذي تقوم عليه العمليات العقلية الاخرى فعن طريق الادراك الحسي يستطيع الانسان ان ينتبه ويتذكر ويتخيل ويتعلم ويفكر.
والادراك له صلة وثيقة بالسلوك فنحن نستجيب للبيئة لا كما هي بل كما ندركها والسلوك يتوقف على كيفية الادراك فما يخيف الطفل الصغير لا يخيف الكبار ومايثير غضب الطفل قد لايثير غضب الكبار فالامر يتوقف على الادراك فادراك الكبار يختلف عن ادراك الاطفال.
فالانتباه والادراك له علاقة وثيقة بشخصية الفرد وتوافقه وسلوكه السوي او المرضي فاضطراب الانتباه واضطراب الادراك الحسي من سمات الاسوياء والمصابين بامراض نفسية وامراض عقلية على اختلاف انواعها.
والانتباه والادراك عمليتان متلازمتان فاذا كان الانتباه يعني تركيز الشعور في موضوع او شئ معين فان الادراك هو معرفة هذا الموضوع او هذا الشئ.
اذن الانتباه يسبق الادراك ويمهد له اي يهئ الفرد للادراك فقد يحدث ان انتبه الى شخص يقترب مني قد اظنه صديق ولكن سرعان ما ادرك انه ليس هو الشخص الذي اقصده.
ويوجد فارق هام بين الانتباه والادراك فقد ينتبه عدد كبير من الناس الى موقف واحد كسماع محاضرة او مشاهدة مسرحية او سماع خطبة سياسية او حديث ديني ولكن يختلف ادراك كل فرد عن الاخر اختلافا كبيرا وذلك بسبب الفروق الفردية بين الافراد ولاختلاف خبراتهم السابقة وثقافتهم وذكائهم ودوافعهم .[علم النفس التربوي اسسه وتطبيقاته – د,خليل ميخائيل معوض – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – 2006]
التنظيم الادراكي:
يعرف التنظيم الادراكي بانه الميل الى اقامة تكامل بين العناصر الادراكية على شكل انماط ذات معنى.
قوانين التنظيم الادراكي تبعا للجشطلت:
اكتشف علماء النفس الجشطلت عددا من الظواهر الادراكية التي تجيب عن السؤال كيف يبدو جزء من المنبه في علاقته بجزء اخر منه؟وقد اشارت الجشطلت الى ذلك بوصفه نموذجا للتنظيم الادراكي وافترضت ان هذه الاثار الادراكية تنتج عن اليات تهدف الى الوصف الاقتصادي المختزل وتفيد من الخواص المتوقعة للبيئة ووضعوا عددا من القوانين لتفسيرها ومنها مايلي:
1. البساطة:
يمثل المدرك ابسط تفسير ممكن للمنبه فنحن نختار ابسط تفسير للمنبه.
2. الشكل والارضية:
تبرز اللوحة الفنية "شكل"على الحائط المعلقة عليه "ارضية" كما تظهر الحروف التي تقراها الان والمكتوبة بالمداد الاسود على ارضية الصفحة البيضاء وتدرك التنظيمات عادة على انها اشكال توجد امام الخلفية ولذلك تبدو على ان لها حدودا او محيطا كالموضوعات والاشياء سواء بسواء وان تنظيم المنبهات الى شكل وارضية هو امر اساسي لادراك المنبه بل انه اساس لادراك جميع الاشياء تقريبا وعلاقة الشكل بالارضية علاقة تداخل بين المنبه الاساسي والمنبهات المحيطة به وكثير من تصميمات ورق الحائط تدرك على انها علاقات بين شكل وارضية حتى لو تغير الشكل الى ارضية وانقلبت الارضية شكلا من لحظة الى اخرى.
3. التشابه:
التنبيهات الحسية المتشابهه كالاشياء او النقط المتشابهه في اللون او الشكل او التركيب او الحجم او الشدة او السرعة او اتجاه الحركة تظهر كانها تنتمي بعضها الى بعض فندركها صيغا مستقلة اذ يميل الانسان الى تجميع المتشابه معا.
4. التقارب:
التنبيهات الحسية المتقاربة في المكان او الزمان تبدو في مجال ادراكنا وحدة مستقلة محددة وصيغة بارزة ونراها كانها ينتمي بعضها الى بعض.
5. الاتصال:
يميل الانسان بعامة الى ادراك الخطوط والاشكال والمنحنيات على انها متصلة مستمرة.
6. التماثل:
يميل الانسان بوجه عام الى ان يرى عناصر المنبه التي تتكون من اشكال منتظمة وبسيطة ومتوازنة وكانها تنتمي الى بعضها بعضا.
7. الغلق:
هناك ميل قوي الى تكملة المنبهات او المعلومات الناقصة وهذا هو معنى الغلق فنحن لا نحتاج الى حدود كاملة لندرك شكلا ما فاذا فقدت بعض اجزاء المحيط فان المخ يمدنا بالمعلومات التي لم تمده بها الحواس تملأ العمليات الادراكية لدينا الفجوات وتسد الثغرات فندرك فندرك القوس الكبير على انه دائرة وثلاثة الاضلاع المتقاربة على انها مثلث واربعة الخطوط المنفصلة على انها مربع.
وتنطبق قاعدة الغلق ايضا على المنبهات السمعية فقد دلت التجارب على ان الناس حتى ادقهم سمعا لايسمعون بالفعل الا 75% من الاصوات في محادثاتهم العادية وهم يملأون الثغرات من سياق الحديث وموضوعه.
8. قانون المصير المشترك:
وهو قانون ادراكي اخر يشير الى ان العناصر التي نراها متحركة معا ندركها على انها منتمية بعضها الى بعض فان مجموعة من الناس تجري في الاتجاه ذاته يبدو ان لها هدفا مشتركا او انها تكون مجموعة والطيور التي تطير معا يبدو انها من النوع نفسه والطيور على اشكالها تقع. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
ادراك العمق والمسافة:
لا شك ان المشكلات التي يمكن ان تترتب على عدم قدرة الانسان على الحكم على العمق او المسافة هي مشكلات كبيرة اذ يمكن ان يرتطم بالاخرين ويصطدم بهم ويظن انهم ابعد مما هم عليه في الواقع ولقد منح الله سبحانه وتعالى الادميين مؤشرات تساعدهم على ادراك العمق احدهما تدركه العين الواحدة والاخر مؤشرات تشير الى العمق عن طريق العينين معا.
1. مؤشرات ادراك المسافة بالعينين معا:
يتمتع الافراد ذو العين الواحدة بمعظم الخبرات البصرية التي يتمتع بها الافراد الذين يستخدمون العينين معا فهم يرون الالوان والاشكال والعلاقات المكانية بما فيها الاشكال ذات الابعاد الثلاثية ومع ذلك فان الناس الذين يستخدمون العينين لديهم مزايا تفوق هؤلاء الذين يرون بعين واحدة وذلك في النواحي الاتية:
أ‌. المجال الكلي للرؤية يكون اكبر ولذا فان اشياء كثيرة يمكن رؤيتها دفعة واحدة.
ب‌. القدرة على الرؤية المجسمة للاشكال.
وتتعاون العينان في الرؤية المجسمة ليكون لدينا احساس دقيق بالعمق والمسافة ويمكن استخدام المجسام (جهاز يبين الصور للعينين مجسمة)لفحص تعاون العينين وذلك عن طريق بطاقة تحتوي على صورتين طبيعيتين مأخوذة احداهما من زاوية تختلف قليلا عن الاخرى وتوضع البطاقة في المجسام وتقدم الصورتان واحدة امام كل عين فنجد ان الصورتين تتحدان لتكونا صورة واحدة \ات عمق تختلف عن تلك التي تبدو في الصورة المفردة.
وتفسير ذلك ان العينين منفصلتان في الراس تحصل كل منهما على صورة مختلفة عن الاخرى وتسجل على شبكية كل عين صورة مختلفة قليلا عن الاخرى ويستطيع المخ مزج هاتين الصورتين في مشهد واحد فيراهما الشخص صورة واحدة تحمل معلومات عن عمق الشئ وابعاده الثلاثة مما ينتج التاثير المجسم.
وتختلف خصائص التجسيم عن خصائص البعد الثالث التي نحصل عليها من صور مفردة مسطحة نتيجة لتباين العينين.
2. المؤشرات الدالة على العمق عند استخدام عين واحدة:
على الرغم من ان العينين تساعدنا على ادراك العمق والمسافة فنحن نستطيع ادراك العمق بعين واحدة وذلك بطرق اربعة:
أ‌. انطباق جسم على اخر : اذا بدا شئ ما يقطع شيئا اخر فنحن ندرك الاول عادة على انه اقرب من الثاني.
ب‌. الحجم النسبي: اذا كان هناك صف من الاشياء المتشابهه ذات احجام مختلفة فالشئ الاصغر يدرك على انه ابعد من الاشياء الاخرى.
ت‌. الارتفاع في المجال: الاشياء الابعد تبدو في مستوى اعلى عن الاقرب في مجال رؤيتنا ومن ثم يمكن ان يتولد احساس بالبعد بين اشياء لها الحجم نفسه بوضعها على ارتفاعات مختلفة.
ث‌. تدرج التركيب او البناء: تصبح النقط صغيرة كلما كانت المسافة ابعد. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
ادراك الحركة:
وضع جبسون نظرية مهمة في هذا الصدد موجزها ان علامات ادراك الحركة موجودة في البيئة فنحن نرى الشئ يتحرك لانه اثناء الحركة يغطى اجزاء من الخلفية الثابته ويعري اجزاء اخرى كما نرى الاشياء تتحرك اذا غيرت مكانها وموقعها اذ نرى اجزاء جديدة على حين تختفي اجزاء من الصورة وهناك حالة خاصة شائقة وذلك عندما يبدو مجال الرؤية كله في حركة فينتج عن ذلك علامات غامضة يمكن ان تؤدي الى ادراك مزيف.
مثال ذلك عندما يتحرك اتوبيس بجوار السيارة التي تركبها هي التي تتحرك الى الخلف او ثابته ويمكن قبول هذه النظرية في البيئة جيدة الاضاءة ولكنها لا تفسر قدرتنا على ادراك حركة نقطة من الضوء في حجرة مظلمة تماما ويبدو ان جهاز الادراك يجب ان يستقبل معلومات عن حركة العينين وهي تستقبل نقطة الضوء.
1. الحركة الظاهرية:
هي تقديم المنبهات الثابتة بطريقة توحي بانها متحركة فمن الممكن ادراك الحركة دون ان يكون المنبه متحركا في الحقيقة كما في حركة الشريط السينمائي اذ ينشأ خداع الحركة نتيجة منبهات منفصلة غير متحركة تقدم متتابعة فعندما نشاهد فيلما فان الحركة عبارة عن تسلسل صور جامدة اي كل واحدة منها في اطار يختلف كل منها قليلا عن سابقه وتسقط على الشاشة واحدة وراء الاخرى ويلي كل صورة او اطار فترة قصيرة من الاظلام "لاحظ ان نصف الفيلم تقريبا يكون مظلما" ولكن عند عرضها بسرعة تمتزج الصور في حركة سلسة ناعمة ومعدل سرعة العرض الان هو 24 صورة"اطار"/ثانية.
2. الحركة الحقيقية:
يعتمد ادراك الحركة الحقيقية على العلاقات بين الاشياء خلال المجال البصري وعلى التفسير الذي نضعه لهذه العلاقات وحيثما كانت هناك حركة فان الجهاز الادراكي يجب ان يقرر ما الذي يتحرك وما هو ثابت بالنظر الى اطار مرجعي معين.
فقد بينت التجارب انه عندما تكون المعلومات الوحيدة المتاحة لنا عن الحركة هي معلومات بصرية فاننا نميل الى ان نسلم بان الاشياء الكبيرة ثابتة والاشياء الصغيرة متحركة مثال ذلك ان القمر يبدو ثابتا في السماء الصافية ولكن عندما نرى القمر من خلال غلاله من السحاب المتحرك الخفيف فان القمر يبدو متحركا على حين يبدو السحاب ساكنا وكذلك عندما تكون راكبا قطارا يقف في احد المحطات ويوجد بجوارك قطار اخر يسد النافذة كلها دون ان ترى خلفية اخرى غيره فعندما يتحرك احد القطارين فلن تكون متاكدا هل هو القطار الذي تركبه ام الاخر ويستمر هذا الوضع حتى تأتيك معلومات اخرى مثل:اهتزاز جسمك نتيجة لحركة القطار الذي تستقله او زيادة سرعة القطار الاخر دون ان تحس بحركة او النظر من النافذة الاخرى في الجانب الاخر وهكذا ويشيع خداع الحركة من هذا النوع عند السفر بالطائرات وبخاصة خلال الرحلات الليلية حيث يكون من الصعب ان يتكون اطار مرجعي وفي هذا المجال يتعلم الطيارون ان يثقوا في اجهزتهم وليس في ادراكاتهم.
ونتيجة لاختلاف منظور الحركة فان احد مؤشرات ادراك العمق بعين واحدة مؤداه ان الاشياء القريبة تبدو متحركة بسرعة اكبر من الاشياء البعيدة وذلك اذا كنا نركب سيارة متحركة وفي هذه الحال تبدو الاشياء البعيدة كالجبال والنجوم تتحرك معك على حين تبدو الاشياء القريبة كاعمدة التلغراف او علامات الطريق تتحرك عكس حركتك اي الى الوراء بسرعة. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
ادراك الزمن:
كان ادراك الزمن من بين الموضوعات التي اهتم بدراستها "فونت" هو وتلاميذه في "لايبزج" وكان الاختبار المستخدم هنا هو تقدير دوام فترات زمنية متعددة الطول تبدأ من كسور الثانية او ما يسمى بايجاز تقدير الزمن ويتحدد الزمان موضوعيا ويقاس اجرائيا بسرعة سير عقارب الساعة ولكن ادراكنا لهذه السرعة وتقديرنا لها مختلف من فرد لاخر ولقد وضع البرت اينشتاين في نظريته عن النسبية الزمان كبعد رابع للمكان وعندما سأله صحفي ان يلخص نظريته في هذا الصدد باسلوب مبسط قال:تصور ساعة من الزمان بساعتك اقضيها بطريقتين :مع حبيبتي او فوق فرن من البوتاجاز الساخن!
وتوجد عدة طرق لدراسة ادراك الزمن تجريبيا اهمها ثلاث كما يلي:تقدير المفحوص دوام فترة زمنية يحددها المجرب "ثلاث دقائق مثلا" وطريقة القارنة بين الفترات الزمنية وطريقة انتاج الفترات الزمنية.
وقد بين "فيوردت" ان المفحوص يزيد من تقدير الفترات الزمنية القصيرة اما الفترات الطويلة فانه يميل الى تخفيضها ويعتمد تقدير فترات الزمن الطويله نسبيا على طبيعة الخبرات التي تملأ بها هذه الفترات فاذا كانت سارة بدت قصيرة عما اذا قضاها المفحوص في مجرد الانتظار ومن العوامل التي تؤثر كذلك في ادراك الزمن:العمر والخبرة والدافعية والعقاقير وشدة الاهتمام ودرجة حرارة الجسم.
ومن الملاحظ ان زيادة درجة حرارة الجسم "كما في حالات الانفلونزا والحمى" تجعل الشخص يشعر بان الزمن يمر بطيئا جدا ومعنى ذلك ان تقدير المريض هنا للساعة الزمنية الفيزيائية يبدو لمرتفعي الحرارة اطول من الساعة السيكولوجية فدرجة الحرارة المرتفعة دليل على ان العمليات الحيوية تتم بسرعة اكبر من المعدل السوي فيتاثر ادراك الزمن بهذا الاسراع العام.
واتضح ان احتساء القهوة والشاي بكثرة يعجل من احساسنا الذاتي بمرور الزمن ولكن الكافيين وعقاقير اخرى يمكن ان تؤخره.
ويشعر مريض الاكتئاب الذهاني اذا قورن بالاسوياء بان الوقت يمر ببطء شديد ولدى الفصاميين وهم من المرضى العقليين اضطراب في تقدير الزمن وليس هذا فحسب بل ان بعض الفصاميين يشكون من فقدهم للاحساس بالزمن. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
ادراك الاشياء المركبة:
يدرس علماء النفس الادراك المركب بطرق عدة من بينها تحليل حركات العين خلال الادراك.
حركات العين:
عندما نراقب عيني شخص يفحص صورة او موضوعا يتضح ان عينيه غير ثابتتين ولكنهما تقومان بعملية فحص سريع ولا يكون هذا الفحص سلسا ناعما وفي حركة مستمرة ولكن العينين تكمنان فترة قصيرة بعد ذلك تقفزان الى موضع اخر تثبت عليه فترة قصيرة ثم تقفز الى غيره وهكذا وتسمى الفترات التي تكون خلالها العينان ساكنة بالتثبيت اما الحركات الفورية بين التثبيتات فتسمى القفزات وهناك عدد من الطرق لاقتفاء اثار حركات العين وابسط هذه الطرق ان تراقب العينان بكاميرا تليفزيونية وتسجل حركاتهما فان الشئ الذي تحملق فيه العين ينعكس على قرنية العين.
وقد ابتكر ياربوس منهجا بارعا لدراسة حركات العين ويسمح هذا المنهج للمجرب بان يدرس تثبيت العين لدى المفحوص بشكل متتابع مع ربط هذه الحركات بالمنظر الذي يشاهده المفحوص. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]

الادراك من العام الى الخاص ومن الكل الى الجزء:
الادراك ليس عملية بسيطة بل عملية معقدة اذ تتدخل الذاكرة والمخيلة في ادراك العلاقات وتاويل ما ندركه.
فالادراك لا يتلخص في مجرد استقبال انطباعات حسية بل ان العقل يضيف ويحذف وينظم ويؤول ما تتأثر به من انطباعات حسية.
فالادراك شانه شان الانتباه عملية انتقائية.
والادراك يتميز بنظرة اجمالية عامة فالادراك الاجمالي سابق على تعرف الاجزاء فالادراك يبدأ من الكل الى الجزء ومن المجمل الى المفصل.
ونظرية الادراك الكلي الذي يسبق الجزئيات تساير قوانين النمو فعمليات النمو تسير من العام الى الخاص ومن الكل الى الجزء ومن الابهام الى الوضوح ومن التفكك الى التكامل.
وقد افاد رجال التربية والتعليم في تطوير العملية التعليمية في المرحلة الاولى من التعليم فتدريس المواد في هذه المرحلة يبدأ بفكرة اجمالية ومن هذه الفكرة الاجمالية تاتي الاجزاء والتفاصيل فتعليم القراءة يبدأ بالعبارة ثم الجملة القصيرة ثم الكلمة ثم الحروف الهجائية فالعبارة قبل الجملة والجملة قبل الكلمة والكلمة قبل الحروف الهجائية.
فادراك الانسان عامة لاسيما الادراك البصري يكون في مبدئه اجماليا كليا فالطالب لا يقرأ الكلمات حرفا حرفا بل يقرأ الكلمة قراءة اجمالية وقد يكون في الكلمات خطأ مطبعي ولكن نقرأها صحيحة لاسيما عندما تكون الكلمات مألوفة لدينا .[علم النفس التربوي اسسه وتطبيقاته – د,خليل ميخائيل معوض – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – 2006]
ثبات الادراك:
يميل الانسان عادة الى ان يدرك الاشياء المألوفة له على انها دائمة وثابتة لا تتغير بصرف النظر عن ظروف الاضاءة والموقع الذي نراه منها والمسافة التي تفصل بيننا وبين الشئ المدرك فمثلا اذا تحركت بعيدا عن الطبق الموجود امامك على المائدة تغيرت صورته المتكونة على شبكية عينيك من الشكل الدائري الى الشكل البيضاوي ومع ذلك فسوف تستمر في ادراكه على انه دائري الشكل ولثبات الادراك انواع عدة منها:
1. ثبات الاضاءة:
تبدو لنا القطيفة السوداء على انها سوداء في ضوء الشمس وفي الظل مع انها تعكس مزيدا من الضوء تحت اشعة الشمس ونشير الى هذه الحقيقة على انها ثبات الاضاءة وعلى الرغم من ان هذا الاثر ينطبق على كل الظروف العادية فان تغيير الاشياء المحيطة والاضاءة "عن طريق جهاز يحدد مساحة الرؤية وشدة الاضاءة" يمكن ان يكسر هذه القاعدة.
2. ثبات اللون:
هناك ميل الى ادراك الالوان على انها ثابتة لاتتغير كثيرا ويعتمد ثبات اللون على وجود مجال مختلف اي خلفية مغايرة ولكن هذا المبدأ لايتحقق عندما يرى الشخص منطقة ذات لون واحد دون وجود خلفية لها مثال ذلك اذا نظرت الى ثمرة طماطم ناضجة من خلال انبوبة تجعل ما يحيط بالثمرة غير واضح مع اخفاء طبيعة الجسم المرئي فستبدو ثمرة الطماطم زرقاء او خضراء او اي لون اخر وذلك اعتمادا على اطوال الموجات الضوئية التي تنعكس عليها واذا عرفنا الشئ الذي ننظر اليه فان تذكرنا للونه يسهم في ثبات ذلك اللون وحتى في ظل الظروف المثالية فان ثبات اللون يكون بعيدا عن الكمال واحيانا يشتري الشخص ملابس معينة ليعود الى منزله ويكتشف انها ليست باللون الذي كان يريد ذلك انه رآها في ظل اضاءة مختلفة في المحل الذي اشتراها منه والعامل الرئيسي في ثبات اللون هو العلاقة بين الضوء الذي تعكسه الاشياء والضوء المنعكس من الاسطح المحيطة به.
3. ثبات الشكل:
عندما نفتح باب تجاهنا فان شكله "كما ينعكس على شبكية العين"يمر خلال سلسلة من التغيرات فيصبح الشكل المستطيل للباب شبه منحرف"ضلعان متوازيان وضلعان غير متوازيان"بحيث يبدو جانبه من ناحيتنا اعرض من الجانب المعلق بالمفصلة ويحدث ذلك نتيجة لاختلاف الصورة التي تنعكس على شبكية العين في كل وضع من اوضاع الباب وعلى الرغم من ذلك فاننا ندرك تبعا لخبرتنا الشخصية ان الباب لايتغير وهذا مثال لثبات الشكل.

4. ثبات الحجم:
يعرف الانسان ان الاشياء لا يتغير حجمها فعلا كلما تحركت بعيد عنه ولكن الخبرة تدلنا على ان اي جسم يبتعد عنا يبدو لنا حجمه قد صغر فنحن نستخدم معلوماتنا عن المسافة والعمق في تقدير الحجم وثبات الحجم ميل الى الاحتفاظ بالحجم الظاهري للاشياء ثابتا دون تغير على الرغم من تحرك هذه الاشياء بعيدا عنا ونحن نقوم بذلك غالبا بشكل تلقائي.
5. الثبات المكاني:
على الرغم من وجود الاف المنبهات المتغيرة التي تصطدم بشبكية العين كلما تحركنا فاننا ندرك الاشياء في وضع يظل ثابتا وهذا هو الثبات المكاني ولكن الاخير يعتمد كذلك على الخبرة السابقة وقد برهنت التجارب التي تستخدم نظارات خاصة تعيد تنظيم البيئة البصرية على دور التعلم في الثبات المكاني ففي دراسة مأثورة أجريت من حوالي قرن قام ستراتون بلبس عدسات قلبت المجال البصري في اتجاهيه الافقي والرأسي بحيث رأي الاشياء مقلوبة رأسا على عقب ومعكوسة اذ يصبح يمينها شمالها وذكر ستراتون ان العالم في البداية بدا له على انه قد فقد استقراره وعانى من صعوبات كثيرة قبل ان يكتسب بعض الثبات الادراكي بدرجة بسيطة وعلى الرغم من التشويه الذي جعلت فيه هذه العدسات أبسط الاعمال صعبا فان ستراتون قد تكيف للموقف كلما تقدمت التجربة وقل اصطدامه بالاشياء وأصبح قادرا على القيام ببعض الاعمال كالغسل والاكل وهي مهام كانت صعبة جدا في البداية وعندما خلع ستراتون هذه النظارات اخيرا فقد احتاج مرة اخرى الى وقت للتكيف قبل ان يسترجع عاداته البصرية الحركية العادية. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
تغير التنظيم الادراكي:
لوحظ انه من الممكن ان توجد تنظيمات ادراكية متعددة للصورة الواحدة التي تقع على شبكية العين وعادة ما يدرك الشخص تنظيما معينا واحدا للشكل الواحد في الحياة اليومية ولكن يحدث في حالات معينة ان يتم التغير على شبكية العين وهذه الحقيقة ذات أهمية نظرية كبيرة لان الادراك مع عدم تغير التنبيه يناقض النظريات التي تعلن ان ما ندركه يمكن تفسيره على ضوء المنبه القريب ويبدو ان هذه الحقيقة تحتاج الى نظرية تفسر الادراك على ضوء عمليات أكثر اتصالا بالجهاز العصبي المركزي.
وقد أفاد علماء النفس كثيرا من الدراسة المعملية لمثل هذا التغير بما يسمى الاشكال الغامضة او المعكوسة القابلة للقلب ويعرف الشكل الغامض بانه الشكل الذي يمكن تفسيره بصورة صحيحة بأكثر من طريقة وأمثلة الاشكال الغامضة القابلة للقلب كثيرة مثل الشكل الذي يرى على انه منظر جانبي بروفيل لفتاة صغيرة وكذلك منظر جانبي لامرأة عجوز ذات أنف ضخم.
ويفسر ادراك الاشكال المعكوسة للقلب على اساس ان التنبيه المستمر لجانب معين من الشكل والذي ينبه منطقة معينة من الشبكية يثير عمليات على مستوى الجهاز العصبي تتصل بظواهر مثل التعلب أو الكف او التشبع الناتج عن تغير في اثارة الخلايا العصبية في لحاء المخ مما يجعل الملاحظ يغير من تركيزه على الجانب الذي ركز عليه في الشكل فيسهل حدوث انتقال الادراك الى المدرك الاخر البديل وهناك برهان الى حد ما يؤكد هذه النظرية برغم مواجهتها بعض الصعوبات. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
الخداع:
الخداع مدرك خاطئ او انطباع حسي غير حقيقي او ادراك زائف غير صحيح ويقصد بغير ان مانراه او نسمعه او نشعر به لايتطابق مع مايصفه العلم الطبيعي بمساعدة أدوات قياسه ويمكن ان يحدث الخداع في ادراك المكان واللون او الحركة والخداع نوعان فيزيائي وادراكي.
الخداع الفيزيائي ينتج عن تشويه المنبه الذي يصل الى أعضاء الاستقبال الحسي لدينا وأمثلته الكسر الذي نلاحظه في العصا التي توضع في الماء والصور المشوهه التي نراها في بيت المرايا في الملاهي والسراب والرؤية من خلال منشور اما الخداع الادراكي فينشأ في اجهزتنا الادراكية كأن يرى الشخص خطين ويحكم على احدهما بانه اطول من الاخر ويكون لهما في الحقيقة الطول ذاته. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
الهلاوس:
الهلاوس خبرة حسية مع غياب المنبهات الخارجية المناسبة او ادراك منبهات غير موجودة في الواقع او هو سوء تأويل لخبرات خيالية على انها ادراكات فعلية وهناك عقاقير مسببة للهلوسة مثل الحشيش مسبب للهلوسة كذلك وتغير هذه العقاقير من الخبرة الادراكية والوعي كما ان هناك عقاقير مضادة للهلوسة يتعاطاها المرضى العقليون ممن لديهم هلاوس.
للهلاوس انواع شتى تبعا للخبرة الحسية التي يمر بها الشخص فقد تكون سمعية كسماع اصوات تأمر المريض ان يسب اخر او بصرية كاشباح او اشخاص لاوجود لهم او شمية كشم رائحة غاز غريبة يرى الشخص انه سام او لمسية كالتنميل او ان حشرات تسير على جزء من جسمه او تذوقية مثل مذاق غريب لطعام مألوف او حركية كرؤية كرسي يتحرك دون ان يدفعه احد او تغير حجم الاشياء المألوفة.
وتشيع الهلاوس في حالات المرض العقلي "الذهان" واورام المخ والتهاباته وفي حالات التسمم بالمخدرات واثناء النوم المغناطيسي وتحدث الهلاوس السمعية لدى المدمنين على الكحول "الخمور"نتيجة محاولات المدمن تفسير الضوضاء الناتجة عن حالة مرضية في الأذن الوسطى. [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]
الادراك خارج نطاق الحواس:
هو نوع من الخبرة التي تتكون من ادراك لم يأت عن طريق تنبيه أعضاء الحس وينتمي هذا الموضوع الى دراسة ظواهر ما وراء علم النفس ويشمل الجوانب الاتية:
1. التخاطر: وهو القدرة على قراءة افكار الاخرين او انتقال الافكار من شخص الى اخر دو اساس حسي او ادراكي معروف اي دون الاستعانة بالكلام او الكتابة او اية منبهات اخرى.
2. الشفافية: وهي القدرة على الرؤية او تلقي معلومات خارج مدى الابصار العادي.
3. معرفة المستقبل مسبقا: وهي القدرة على التنبؤ بأحداث المستقبل قبل وقوعها.
4. تحريك الاشياء عن بعد: القدرة على تحريك الاشياء باستخدام العمليات العقلية فقط.
ولكن الادراك خارج نطاق الحواس ينقد بما يلي:
1. ليست هناك طريقة محددة لتوضيح مثل هذه الظواهر فالطرق التي تكشف عن نتائج واضحة على شخص ما لا تظهر النتائج ذاتها على شخص اخر.
2. تعمل هذه الظواهر ضد القوانين الطبيعية والدليل عليها حتى الان غير كامل.
3. يصاحب التجارب الروحية كثير من عدم الامانة والخداع والغش وسوء التفسير.
4. لاتكرر نتائج التجارب عادة لانها تمثل ظواهر غير ثابتة.
ويتفق كثير من علماء النفس مع راي "هب" الذي يقول (انا شخصيا غير مقتنع بالادراك خارج نطاق الحواس لانه غير معقول) [أسس علم النفس – د.احمد محمد عبد الخالق – استاذ علم النفس – كلية الاداب – جامعة الاسكندرية – دار المعرفة الجامعية - 2002]

هناك تعليق واحد:

ahmed-kamel يقول...

ياولاد الكلب فين التفكير